(11) نظرية التوازُن المُتقطِّع (Punctuated Equilibrium Theory)
- بواسطة مروة جراد
- 2024-09-16
* * تستند هذه الترجمات إلى مقالات الباحث بول كيرني Paul Cairney، وتُقدم ترجمة عربية بقلم كل من أحمد محسن ومروة جراد مع مراجعة نهائية من قِبل محمد أحمد البكري.
المفاهيم الأساسية لهذا الفصل:
لا يستطيع صُنَّاع السياسات التركيز إلا على نسبة قليلة من مسؤولياتهم؛ إذ يُركِّزون على بعضها ويُهمِلون بعضها الآخر.
لا يتناسب الاختلاف في مستوى الاهتمام مع التغيُّر الحاصل في حجم المشكلات السياساتية أو المعلومات المتاحة عنها.
تتولَّى الأجهزة الحكومية التعامل مع معظم القضايا حتى وإن لم تَحْظَ هذه القضايا باهتمام كبير من كبار المسؤولين السياسيين.
تُسهِم هذه الفكرة على بساطتها في تفسير فترات الاستقرار الطويلة في صنع السياسات والاستمرارية فيها، كما تُسهِم في فهم عدم الاستقرار والتغيُّرات الكبيرة في السياسات العامَّة.
اعتمدت دراسات نظرية التوازُن المُتقطِّع (PET) المبكرة على دراسات حالة أمريكية امتدَّت لعقود من الزمن لإظهار أنَّ استقرار السياسات العامَّة أو عدم استقرارها يمكن تفسيره بعملية إنشاء وهيمنة وانهيار "احتكار السياسات" (Policy Monopoly).
بدأت نظرية التوازُن المُتقطِّع (PET) بوصفها نظرية لشرح عملية صنع السياسات العامَّة في الولايات المتحدة. واليوم، يشير مشروع جدول أعمال السياسات العامَّة المقارنة إلى وجود ديناميات وتوزيعات متشابهة للتغيُّر في السياسات العامَّة في العديد من الأنظمة السياسية.
تسرد نظرية التوازن المتقطع (PET) قصة أنظمة مُعقَّدة تجمع بين الثبات والديناميكية:
تتميَّز معظم عمليات صنع السياسات بفترات طويلة من الاستقرار؛ ولكن مع احتمالٍ دائم لحدوث تغيُّر مفاجئ.
تبقى معظم السياسات ثابتة لفترات طويلة؛ لكن بعضها قد يتغيَّر بسرعة وبشكل كبير.
يمكننا أن نُفسِّر هذه الديناميكية من خلال مفهوم العقلانية المحدودة؛ إذ لا يمكن لصُنَّاع السياسات النظر في جميع القضايا في كل الأوقات، لذا فإنَّهم يتجاهلون معظمها ويختارون وضع عدد قليل من القضايا في صدارة أجندتهم.
ويُعَدُّ ضعف الاهتمام بمعظم القضايا سببًا في تفسير استمرار معظم السياسات العامَّة دون تغيير، في حين تعمل فترات الاهتمام المُكثَّف ببعض القضايا على إيجاد طرق جديدة لتأطير مشكلات السياسات وحلِّها.
وتنجح قوة المشاركين جزئيًّا في تفسير:
(أ) إضعاف الاهتمام بقضيةٍ ما والحفاظ على تأطير مقبول لها؛
(ب) (أو) تقوية الاهتمام بقضيةٍ ما على أمل جذب جماهير جديدة أكثر تفهُّمًا لطرق تفكير جديدة.
كما يمكن استنباط تفسير آخر من خلال الاستفادة من تعقيد عملية صنع السياسات (Policymaking Complexity)؛ وهو التعقيد الذي يؤيد فكرة أنَّ نطاق الصراع واسع جدًّا لدرجة يَصْعُب معها فهمُه فضلًا عن السيطرة عليه.
القصة الأصلية لنظرية التوازن المتقطع (PET):
تدلُّنا القصة الأصلية التي تسردها نظرية التوازن المتقطع (PET) -مشروحة بتفصيل أكبر في أحد مقالات سلسلة السياسات العامَّة في 1000 كلمة- على استفادتها من نهجين اثنين (مجتمعات السياسات، وتحديد جدول الأعمال الحكومية) لإظهار العلاقات المستقرَّة بين جماعات المصالح وصانعي السياسات:
يبقى هذا النوع من العلاقات قويًّا عندما يتمكَّن المشاركون من بناء الثقة والاتفاق حول طبيعة مشكلة السياسات العامَّة وكيفية معالجتها وضمان أنَّ عددًا قليلًا من الأطراف الأخرى لديه دور مشروع أو اهتمام حقيقي بالقضية.
تتعرَّض هذه العلاقات للضغط عندما تحظى القضايا باهتمام كبير من صانعي السياسات، ويكون ذلك بعد حدث يسترعي الاتباه (Focusing Event) أو نتيجةً لمحاولة ناجحة من بعض الجماعات للوصول إلى منصَّات مؤثرة (Venue Shops) (محاولين البحث عن جمهور مؤثر في منصة سياسات عامَّة أخرى). وعندما تصل قضية ما إلى "رأس" جدول الأعمال السياسي الأوسع هذا، تجري معالجتها بطريقة مختلفة عن طريق: مشاركة مزيد من الأطراف المعنية، وطرحهم وجهات نظر أكثر حول كيفية النظر إلى هذه السياسة وحَلِّها.
التركيز الرئيس ينصبُّ على المنافسة على تأطير أو تعريف مشكلة سياسات عامَّة (لممارسة السلطة وتقليل الغموض). ويُعَدُّ تعريف مشكلة سياساتية على أنَّها فنية أو عادية ضامنًا لنجاح احتكار القضية ومناقشتها بهدوء في مكان واحد. أمَّا إعادة تأطير هذه القضية على أنَّها قضية لها أهمية كبيرة لمؤسسات أخرى أو من بين القضايا السياسية الكبرى المطروحة حاليًّا، فيضمن مناقشتها من قبل جمهور متنوع ومعالجتها في أكثر من مكان. (يُرجَع إلى شاتشنايدر Schattschneider).
القصة الحديثة لنظرية التوازن المتقطّع:
تدور النسخة الحديثة من قصة نظرية التوازن المتقطّع (PET) حول الأنظمة المعقَّدة وجذب الانتباه.
ويظلُّ تحليلها للعقلانية المحدودة وعلم نفس صانعي السياسات أمرًا بالغ الأهمية؛ إذ تقيس نظرية التوازن المتقطّع (PET) عواقب ضعف انتباه الأفراد والمنظمات. لكن تجدر الإشارة إلى التركيز المتزايد على قياس تغييرات السياسات العامَّة باستخدام أدوات كمية عبر أنظمة سياسية بأكملها.
(يُنظَر: مشروع جدول أعمال السياسة العامَّة المقارنة the Comparative Agendas Project).
تُبيِّن نظرية التوازن المتقطّع (PET) كيف يُسهِم صانعو السياسات والمؤسساتُ في المعالجة غير المتناسبة مع المعلومات. وفي هذه العملية عاملان رئيسان -(أ) حجم مشاكل السياسات العامة، و(ب) المعلومات المتاحة لصانعي السياسات حول هذه المشاكل- لا علاقة لهما بتذبذب الاهتمام بالمعلومات.
كما تُبيِّن النظرية أيضًا أنَّ التوزيع الإحصائي الأساسي للتغيير في السياسات موجود في كل نظام سياسي تمَّت دراستُه من خلال مشروع جدول أعمال السياسة المقارنة (CAP)، كما تُوضحه الصورة أدناه (أغلب الحالات تسير وفق نمط تدريجي طويل، في حين توجد حالات أخرى بتكرار أقل بها تغييرات كبيرة).
(النسبة المئوية للتغير السنوي في سلطة الميزانية الأمريكية لمكتب الإدارة والوظائف الفرعية البرامجية للميزانية. السنة المالية 1947 حتى 2003)
بواسطة مروة جراد
مروة جراد هي باحثة ومترجمة تمتلك خبرة في مجالات الترجمة واللغويات والمعجمية العربية.
حصلت مروة على:
- بكالوريوس في اللغة الإنجليزية من جامعة باجي مختار - عنابة.
- ماستر في الترجمة (عربي-انجليزي-عربي) من جامعة باجي مختار - عنابة.
- ماستر في اللسانيات والمعجمية العربية من معهد الدوحة للدراسات العليا.
عملت جراد على ترجمة العديد من النصوص المتنوعة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية والعكس.
اقرأ المزيد
(2) إلى أيّ مدًى تتغيَّر السياسات العامَّة؟
- 2024-07-09
(7) القوة والمعرفة
- 2024-08-13
(12) البناء الاجتماعي وتصميم السياسات
- 2024-09-10
النشرة البريدية
احصل على آخر اخبارنا وتحديثاتنا
0 تعليقات