(8) المؤسسية النسوية (Feminist Institutionalism)
- بواسطة مروة جراد
- 2024-08-18
* * تستند هذه الترجمات إلى مقالات الباحث بول كيرني Paul Cairney، وتُقدم ترجمة عربية بقلم كل من أحمد محسن ومروة جراد مع مراجعة نهائية من قِبل محمد أحمد البكري.
المفاهيم الأساسية لهذا الفصل:
المؤسسات هي القواعد الرسمية وغير الرسمية التي تؤثر في السلوك السياسي.
عادةً ما تكون القواعد الرسمية مكتوبة وواضحة مثل "المباني الحكومية" التي تتنوَّع باختلاف أنظمة صنع السياسات المختلفة.
أمَّا القواعد غير الرسمية فعادةً ما تكون غير مكتوبة، وهي أقلُّ وضوحًا من القواعد الرسمية، ولها أهمية بالغة؛ لكن من الصعب التعرُّف عليها رغم كل ما سبق.
تُعنى المؤسسية الجديدة (New Institutionalism) بدراسة المؤسسات، ومع ذلك يمكن أن يكون التعريف الدقيق لمفهومَي "المؤسسات" و"المؤسسية الجديدة" أمرًا صعبًا. ورغم علمنا بالأهمية الكبيرة للمؤسسات، فإنَّنا غالبًا ما نواجه صعوبة في تعريفها.
بدلًا من ذلك، نُركِّز على الرسائل المختلفة التي تُقدِّمها الأنواع الرئيسة للدراسات المُتعلِّقة بالمؤسسية؛ وهي: التاريخية (Historical)، والخيار العقلاني (Rational Choice)، والمعيارية (Normative)، والبنائية (Constructivist)، والنسوية (Feminists)، والتجريبية (Empirical)، والشبكية (Network).
جميع المناهج تقريبًا تربط المؤسسات بالقواعد أو الممارسات ولا تربطها بمنظمات معينة (باستثناءٍ رئيسٍ موجود في الإطار السردي للسياسات الذي سيُناقَش في المقال التاسع).
تهتمُّ "المؤسسية الجديدة" بوصف الأنماط المتكرِّرة للسلوك بالإضافة إلى القواعد والأعراف والممارسات والعلاقات التي تؤثر في هذا السلوك؛ إذ يمكن أن يتراوح هذا التأثير من الإنفاذ المباشر من قِبَل الدولة إلى إدراك الفرد الذاتي لضرورة الامتثال للأعراف.
يمكن أن تكون المؤسسات رسمية، وواضحة، ومكتوبة (مثل التي يُنَصُّ عليها في الدستور أو التشريعات أو القوانين). وعلى الجانب الآخر يمكن أن تكون المؤسسات غير رسمية، ودون قواعد مكتوبة، ويصعب على الأشخاص الموجودين خارجها فهمُها أو تعرُّفها. والمؤسسات بهذا الشكل "تُوجد في أذهان المشاركين وتُتشارَك أحيانًا في شكل معرفة ضمنية مُتَّفَق عليها وليس بشكل صريح ومكتوب".(أوستروم، 2007: 23). ولذلك، فإنَّ معايير العمل الضمنية وغير المكتوبة التي تُتَّبَع في المؤسسات قد تتعارض مع القواعد المكتوبة بشكل واضح وصريح.
يساعدنا البحث النسوي على فهم العلاقة بين هذه المؤسسات والقوة لتعزيز "تمكين النساء واستخدام الأبحاث من أجل إعادة هيكلة المؤسسات الاجتماعية الذكورية".
إذا فهمنا المؤسسات بشكل واسع على أنَّها تشمل القواعد الرسمية والمعايير غير الرسمية، فيمكننا حينئذٍ إيجاد العديد من الطرق لاستكشاف وجود عدم المساواة والأسباب التى أدت إلى ذلك؛ مثل:
- استبعاد النساء بشكل مباشر من المشاركة في الحياة العامَّة أو تقييد فرصهنَّ في "الهيئات التنفيذية الأساسية".
- تصنيف المهامِّ إلى ذكورية ونسوية ورفع قيمة المهامِّ الذكورية وتقديرها ومنحها مكافآت أعلى.
- التعامل مع القضايا النسوية على أنَّها مسائل خاصَّة بالأفراد بدلًا من كونها قضايا سياسات عامَّة تهمُّ الدولة (يُنظَر النقاش الدائر للتفريق بين خصخصة المشاكل (Privatizing) في مقابل جعلها قضيةً عامَّةً (Socializing).
- استبعاد النساء ذوات البشرة الملوَّنة من النقاش السياسي ومن التاريخ الفكري.
- القواعد والافتراضات اليومية والبدهية التي قد تبدو وكأنَّها غير ضارَّة؛ لكنَّها تعكس تفاوتات هائلة في القوة والنتائج.
بعبارة أخرى، يمكن لمثل هذه الإجراءات أن تنطوي على ممارسة مباشرة وواضحة للقوة -وهي الممارسة التي تظهر في الأغلب بوضوح ضمن القواعد الرسمية للأنظمة السياسية- ويمكن أن تكون هذه الإجراءات جزءًا من "الحياة الخفية للمؤسسات" التي تتطلَّب تحليلًا وجهدًا كبيرين من أجل رؤيتها وتَحَدِّيها.
تساهم هذه الأفكار في تطوير الأنواع الشائعة الأخرى من النظرية المؤسسية الجديدة؛ مثل:
التاريخية (Historical): تستمرُّ الهيمنة الراسخة للرجال على المناصب المنتخَبة من خلال عمليات متكررة بناء على المسارات السابقة المستقرَّة. (مثال: ظاهرة أثر المنصب).
الخيار العقلاني (Rational Choice): يعتمد كل من الرجال والنساء على نهج مبني على نفس النمط من "الحسابات الرياضية" عند اتخاذ القرارات؛ ولكنَّهم يتلقَّون مكافآت وعقوبات مختلفة تمامًا.
الخطابية (Discursive): استخدام الأساليب الخطابية لتعزيز "أنماط عنصرية أو جندرية" تساعد في استمرار عدم المساواة الاجتماعية.
الشبكية (Network): يصف "المثلث المخملي" (Velvet Triangle) شبكات السياسات التي تتكوَّن من "البيروقراطيات النسويات، والأكاديميات الموثوقات، والأصوات المُنظَّمة في حركات النساء"؛ وهي الشبكات التي يمكن عزو تطوُّرها جزئيًّا إلى استبعاد النساء بشكل روتيني من مواقع القوة.
إنَّ لهذه الأفكار دورًا رئيسًا في مساعدتنا على فهم الفجوات في التوقُّعات أو التطبيق التي تنشأ عند محاولة الأفراد إصلاح الممارسات السياسية وصنع السياسات في أنظمة مُعقَّدة أو مُتعدِّدة المراكز. وقد تبدو تغيُّرات السياسات -مثل محاولة دمج قضايا النوع الاجتماعي (Gender Mainstreaming)- عملية بسيطة لا تحتاج إلى وقت عند النظر إليها بمنطق المؤسسات الرسمية المبنية على الواجبات القانونية المقترنة بخطة استراتيجية مُعتمَدة عبر الحكومة؛ لكنَّ هذه العملية يمكن أن تُمثِّل الخطوة الأولى في إجراءات محفوفة بالمخاطر وغير مُؤكَّدة النتائج إلى حد كبير لارتباطها بممارسات غير رسمية، وغير مكتوبة، ومُبهَمة؛ وهي الإجراءات التي يُتعامَل معها على أنَّها من المُسلَّمات (وغالبًا ما يُدافَع عنها بشدة)، وتُعَدُّ هذه الممارسات مصادرَ تنعكس في السياسات والتطبيق بشكل عامٍّ لتعزير عدم المساواة.
بواسطة مروة جراد
مروة جراد هي باحثة ومترجمة تمتلك خبرة في مجالات الترجمة واللغويات والمعجمية العربية.
حصلت مروة على:
- بكالوريوس في اللغة الإنجليزية من جامعة باجي مختار - عنابة.
- ماستر في الترجمة (عربي-انجليزي-عربي) من جامعة باجي مختار - عنابة.
- ماستر في اللسانيات والمعجمية العربية من معهد الدوحة للدراسات العليا.
عملت جراد على ترجمة العديد من النصوص المتنوعة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية والعكس.
نشر تعليق
اقرأ المزيد
النشرة البريدية
احصل على آخر اخبارنا وتحديثاتنا
0 تعليقات