(12) البناء الاجتماعي وتصميم السياسات
- بواسطة مروة جراد
- 2024-09-10
* * تستند هذه الترجمات إلى مقالات الباحث بول كيرني Paul Cairney، وتُقدم ترجمة عربية بقلم كل من أحمد محسن ومروة جراد مع مراجعة نهائية من قِبل محمد أحمد البكري.
ما الذي يدفع نظامًا سياسيًّا ديمقراطيًّا إلى إنتاج سياسات "هدَّامة" تُقوِّض أسس الديمقراطية ذاتها؟
يصف نموذج "البناء الاجتماعي وتصميم السياسات" (SCPD) طريقتين رئيستين تؤدي بهما عملية صنع السياسات إلى شعور العديد من المواطنين بالتهميش والاغتراب عن السياسات العامَّة:
1. البناء الاجتماعي للمجموعة المستهدفة:
يمكن أن تُعَدَّ السياسة العُليا والمنافسة الانتخابية عاملين مُسهِمَيْن في شعور المواطنين بالتهميش:
1. 1. يتنافس السياسيون على سرد "قصص" يُوجِّهون من خلالها الثناء أو اللوم لمجموعات مُعيَّنة من الأفراد، ويُقدِّمون من خلالها أحكامًا قِيَمية حول مَن يستحقُّ المكافأة أو العقاب من قِبل الحكومة، ويبنون أحكامهم القِيَمية حول هذه "المجموعات المستهدفة" بناءً على الصور النمطية المتعلقة بهذه المجموعات من خلال: (أ) استغلال الطرق التي يُفكِّر بها كثير من الناس حول المجموعات، أو (ب) إصدار أحكام عاطفية وسطحية مع استخدام انتقائي للحقائق.
1. 2. لهذه الأحكام تأثير تراكمي مستمر؛ إذ تتكرَّر في السياسات والممارسات والمؤسسات، ويمكن أن تستمرَّ مثل هذه التصاميم السياساتية لسنوات أو عقود، كما أنَّ توزيع المكافآت والعقوبات يكون تراكميًّا ويصعب تغييرُه.
3.1. يُؤثِّر تصميم السياسات العامَّة في المواطنين؛ فهم يشاركون في السياسة وفقًا للصورة المرسومة لهم عند الحكومة، ويدرك الكثيرون منهم أنَّهم سيُعامَلون بطريقة سيئة؛ ممَّا يُثير لديهم شعورًا بالإحباط تجاه المشاركة.
تمتلك مجموعات قليلة القوة اللازمة لتحدي الصورة التي يرسمها لهم صُنَّاع السياسات (والإعلام والجمهور)، كما قد يمكنهم الحصول على مزايا في الخفاء رغم الصورة السيئة المعلَنة عنهم؛ لكن أغلبية المجموعات يشعرون بالعجز، ويفقدون الإيمان بالسياسة، ولا يشاركون في العملية الديمقراطية.
ويوضح نموذج "البناء الاجتماعي وتصميم السياسات" (SCPD) هذه الديناميكية في جدول من صفين وعمودين حيث تُوصَف المجموعات المستهدفة من حيث: صورتُهم الإيجابية أو السلبية، وقدرتُهم على الاستجابة من عدمها.
صورة إيجابية | صورة سلبية | |
أصحاب القوة | المُميَّزون | المُكافِحون |
منعدمو القوة | المُعالون | المُنحرِفون |
2. سياسة الخبراء والبيروقراطية:
لا تكتسب معظم القضايا السياساتية طابعًا سياسيًّا أو أهمية كتلك الموجودة في قضايا السياسة العليا التي شرحناها في الفقرة السابقة. ومع ذلك، فإنَّ انخفاض الأهمية السياسية قد يُفاقم مشكلات استبعاد المواطنين. وغالبًا ما تُبعِدُ السياساتُ العامَّة التي تهيمن عليها المصالح البيروقراطية المواطنين المستفيدين من هذه الخدمات. وفي أحيان أخرى، تهيمن نخبة صغيرة على صنع السياسات عندما يكون هناك قبول واسع بأنَّ 1) أفضل السياسات هي "المبنية على الأدلَّة"، 2) وأنَّ الأدلة يجب أن تأتي من الخبراء.
بشكل عامّ، يصف نموذج "البناء الاجتماعي وتصميم السياسات" (SCPD) نظامًا سياسيًّا حمل إمكانات كبيرة لتقويض الديمقراطية، يتضمن أطرافًا رئيسة تقوم إمَّا (أ) بتسييس القضايا لمكافأة السكان أو معاقبتهم، وإمَّا (ب) بإزالة الطابع السياسي عن القضايا بدعوى الاستناد إلى العلم والموضوعية. وفي كلتا الحالتين، لا يستند تصميم السياسات إلى المشاركة المنتظمة للمواطنين.
الفائدة الرئيسة للطلاب:
بدأ نموذج "البناء الاجتماعي وتصميم السياسات" (SCPD) بوصفه تحليلًا من شنايدر Schneider وإنجرام Ingram لفشل النظام السياسي الأمريكي في معالجة قضايا كبرى؛ مثل: عدم المساواة، والفقر، والجريمة، والعنصرية، والتمييز الجنسي، والرعاية الصحية، والتعليم الشامل. فكِّر في كيفية تطبيق العوامل الرئيسة لهذه النظرية في سياقات أخرى:
(أ) يتخذ بعض الأفراد أحكامًا سريعة وعاطفية لتحقيق مكاسب سياسية، في حين يُعوِّل آخرون على استدعاء الخبراء من أجل تقييد النقاش.
(ب) تُسهِم هذه الأحكام في تصميم السياسات.
(ج) يُرسِل تصميمُ السياسات إشاراتٍ إلى المواطنين يمكن أن تُقلِّل أو تُعزِّز حافزهم للمشاركة في الحياة السياسية.
بواسطة مروة جراد
مروة جراد هي باحثة ومترجمة تمتلك خبرة في مجالات الترجمة واللغويات والمعجمية العربية.
حصلت مروة على:
- بكالوريوس في اللغة الإنجليزية من جامعة باجي مختار - عنابة.
- ماستر في الترجمة (عربي-انجليزي-عربي) من جامعة باجي مختار - عنابة.
- ماستر في اللسانيات والمعجمية العربية من معهد الدوحة للدراسات العليا.
عملت جراد على ترجمة العديد من النصوص المتنوعة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية والعكس.
نشر تعليق
اقرأ المزيد
(13) توظيف الاقتصاد لدراسة السياسة
- 2024-09-25
(2) إلى أيّ مدًى تتغيَّر السياسات العامَّة؟
- 2024-07-09
(4) عملية صنع السياسات
- 2024-07-15
النشرة البريدية
احصل على آخر اخبارنا وتحديثاتنا
0 تعليقات