(5) ماذا نفعل إذا لم تكن دورة السياسات العامَّة موجودة؟


* * تستند هذه الترجمات إلى مقالات الباحث بول كيرني Paul Cairney، وتُقدم ترجمة عربية بقلم كل من أحمد محسن  ومروة جراد مع مراجعة نهائية من قِبل  محمد أحمد البكري. 

من السهل عدم قبول دورة السياسات العامَّة كونَها غير مطابقة للواقع التجريبي؛ غير أنَّه من الصعوبة بمكان إيجاد بديل لها كونَها أداةً سهلة الاستخدام. في هذا المقال نُحدِّد التحديات التي يواجهها دارسو السياسات العامَّة وصُنَّاع السياسات العامَّة والجهات الفاعلة التي تسعى إلى التأثير في عملية صنع السياسات في حال لم تكن هذه الدورة موجودة.


تقسم دورة السياسات العامَّة عملية صنع السياسات العامَّة إلى مراحل:

  • إعداد جدول الأعمال (Agenda Setting): تحديد المشكلات التي تتطلَّب اهتمامًا حكوميًّا، وتحديد القضايا التي تستحقُّ أكبر قدر من الاهتمام، وتحديد طبيعة المشكلة.

  • صياغة السياسات (Policy Formulation): تحديد الأهداف، وتحديد التكلفة، وتقدير التأثيرات الناجمة عن الحلول، واختيار حل من قائمة الحلول المتاحة، وتحديد الأدوات السياساتية.

  • الشرعنة (Legitimation): ضمان حصول الأدوات السياساتية المختارة على التأييد. وتشمل هذه المرحلة عنصرًا واحدًا أو مزيجًا من العناصر التالية: الموافقة التشريعية، والموافقة التنفيذية، والسعي للحصول على الموافقة من خلال التشاور مع جماعات المصالح، والاستفتاءات.

  • التنفيذ (Implementation): إنشاء أو توظيف منظمة تتولَّى مسؤولية التنفيذ، وضمان توافُر الموارد اللازمة لها (كالعمالة، والنقود، والسلطة القانونية) للقيام على مهامِّها، والتأكُّد من تنفيذ القرارات السياساتية كما خُطِّط لها.

  •  التقييم (Evaluation): تقييم مدى نجاح السياسات أو مدى صواب القرار السياساتي: هل نُفِّذ بطريقة صحيحة أم لا، وفي حال تنفيذه بطريقة صحيحة هل حقَّق التأثير المرجوَّ أم لا.

  • الإبقاء على السياسات العامَّة (Policy maintenance) أو الاستخلاف (Succession) أو الإيقاف (Termination): النظر في ما إذا كان يجب استمرار هذه السياسات أو تعديلها أو إيقافها.

إنَّ العديد من الأكاديميين والممارسين في هذا المجال يرفضون هذا التقسيم لدورة السياسات بحجَّة أنَّه يبالغ في تبسيط نظام صنع السياسات المعقَّد ويعجز عن شرحه؛ إذ إنَّ هذا النظام المُعقَّد قد يؤدي إلى تحقُّق هذه المراحل بذلك الترتيب أو عدم تحقُّقها من الأساس. وقد يكون من الأفضل أن نتخيَّل تفاعُل الآلاف من الدورات السياساتية بعضها مع بعض لإنتاج سلوك لا يتميَّز بقدرٍ عالٍ من الانتظام ومخرجات (Outputs) ليس لدينا قدرة كبيرة على التنبُّؤ بها.


ولكن ماذا نحن فاعلون بخصوص دورة السياسات العامَّة؟

أمَّا الدارسون، فإنَّ الآثار المترتبة عليهم بسيطة إلى حدٍّ ما؛ فلدينا عشرات المفاهيم والنظريات التي تُستخدَم بوصفها طرقًا أفضل لفهم صناعة السياسات. وفي سلسلة "السياسات العامَّة في 1000 كلمة" أُقدِّم لكم 25 مفهومًا منها فقط لتكون نقطة بداية تنطلقون منها نحو فهمكم لدورة السياسات العامَّة.

وأمَّا ممارسو السياسات العامَّة، فإنَّ الآثار التي يواجهونها ليست على القدر نفسه من البساطة؛ لأنَّ دورة السياسات وإن كانت تتميَّز بأنَّها غير واقعية فهي مفيدة في نفس الوقت. ويمكن أن تُسهِم مراحل دورة السياسات في تنظيم عملية صنع السياسات بطريقة بسيطة تتمثَّل في: تحديد أهداف عملية صنع السياسات، وتحديد السياسات لتحقيق تلك الأهداف، واختيار أداة قياس سياساتية، وضمان أنَّ الاختيار يحظى بالقبول لدى الجمهور والهيئات التشريعية، وتحديد الموارد الضرورية، وتنفيذ السياسات ثم تقييمها. هذه فكرة بسيطة، والنصيحة التي تترتَّب عليها وتُقدَّم لممارسي السياسات واضحة ومباشرة. أمَّا التحدِّي الكبير الذي لم يُحَلَّ من قِبَل الدارسين والممارسين في مجال السياسات العامَّة فيتمثَّل في تقديم نموذج تحليلي أجدى وأكثر واقعية لصُنَّاع السياسات، بالإضافة إلى تقديم المشورة حول كيفية التصرُّف وتبرير الإجراءات بنفس تلك الطريقة المباشرة. أناقش في هذا المقال كيفية التوفيق بين المشورة السياساتية (Policy Advice) القائمة على التعقيد والواقعية (Pragmatism) من جهة وتوقُّعات الجمهور وصُنَّاع السياسات على الجهة الأخرى.

وأمَّا الجهات الفاعلة التي تحاول التأثير على صنع السياسات؛ فإنَّ الآثار المترتبة عليها ستكون مُحبِطة؛ إذ كيف يمكننا المشاركة بفاعلية في عملية صنع السياسات إذا كنا نبذل مجهودًا كبيرًا لفهمها؟ لذلك، في هذه الصفحة أناقش كيفية تقديم الأدلَّة في أنظمة صنع السياسات العامَّة المعقَّدة.

الفائدة الرئيسة للطلاب:

قد يكون من السهل وصف دورة السياسات العامَّة ثم تقييم أهميتها بوصفها أداة تجريبية، لكن لا تتوقَّفوا عند هذا الحدِّ؛ وإنَّما فكِّروا في كيفية تحويل هذه الرؤية إلى عمل:

- افحصوا في البداية الطرق المختلفة التي يمكن من خلالها استخدام المفاهيم لتقديم أوصاف وتفسيرات أفضل.

- ثم فكِّروا في الآثار العملية.

- ما النصيحة المفيدة التي يمكنكم تقديمها لصانع سياسات منتخب يحاول التوفيق بين البراغماتية/الذرائعية (Pragmatism) والمُساءَلة (Accountability

- ما الاستراتيجيات التي توصون بها الجهات الفاعلة التي تحاول التأثير في عملية صنع السياسات؟

بواسطة مروة جراد

مروة جراد هي باحثة ومترجمة  تمتلك خبرة  في مجالات الترجمة واللغويات والمعجمية العربية.

حصلت مروة على:

  • بكالوريوس في اللغة الإنجليزية من جامعة باجي مختار - عنابة.
  • ماستر في الترجمة (عربي-انجليزي-عربي) من جامعة باجي مختار - عنابة.
  • ماستر في اللسانيات والمعجمية العربية من معهد الدوحة للدراسات العليا.

    عملت جراد على ترجمة العديد من النصوص المتنوعة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية والعكس.

0 تعليقات

نشر تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني