من المسؤول عن الوفيات في الملاعب المصرية؟


فوجئ المصريون في 11 مارس 2024، الذي وافق أول يوم في شهر رمضان، بسقوط  أحمد رفعت، لاعب نادي فيوتشر ومنتخب مصر والزمالك السابق، على أرضية ملعب اللقاء دون تدخل من أحد. بشكل مفاجئ وبعيداً عن منطقة اللعب الأساسية، ما أدى إلى توقف المباراة وسارع الجهاز الطبي لنادي فيوتشر لإسعافه. لاحقاً، دخلت سيارة الإسعاف المتواجدة في إستاد الإسكندرية ونقلت اللاعب وسط حالة من الذعر وعدم معرفة الجمهور بما حدث.

لحظة سقوط اللاعب أحمد رفعت داخل ارضية الملعب أثارت تساؤلات عديدة، وتكهنات  إعلامية حول أسباب سقوط اللاعب . بينما أشارت بعض التصريحات إلى أنه بلع لسانه أو فقد الوعي نتيجة اللعب أثناء الصيام، جاء بيان مستشفى زمزم ليكشف عن وصوله في حالة توقف عضلة القلب. استمر الإنعاش القلبي لأكثر من ساعتين باستخدام الصدمات الكهربائية لأكثر من 20 مرة، قبل وضعه على جهاز التنفس الصناعي ونقله إلى العناية المركزة.

بعد استقرار حالته، أعلنت المستشفى في 27 مارس 2024 نقل اللاعب إلى القاهرة لاستكمال العلاج بناءً على رغبة اللاعب وأسرته.


لم تكن حالة أحمد رفعت الأولى من نوعها في الملاعب المصرية. فقد سبقتها العديد من الحالات المشابهة، منها أكرم حفيلة (أكتوبر 2020). سقط حفيلة مدرب نادي أهلي فارسكور على أرض الملعب خلال مباراة مؤهلة لدوري القسم الثالث. قام بعض اللاعبين بحمل المدرب والخروج بسرعة من أرض الملعب لنقله إلى المستشفى، فيما أجهش آخرون في البكاء، من بينهم نجله الذي يلعب أيضا في صفوف الفريق. تأخر وصول سيارة الإسعاف، مما أدى إلى وفاته بعد محاولة فاشلة لإنعاشه. 


أما الحالة الثانية فهي لسامي سعيد (ديسمبر 2022). توفي اللاعب سامي سعيد، لاعب نادي مطروح، داخل الملعب خلال مباراة فريقه ضد فريق السلوم بعد ابتلاعه لسانه وفشل الطاقم الطبي في إنقاذه في ظل عدم وجود وحدات الإنقاذ اللازمة داخل الملعب للحالات الطارئة.

تعتبر الحوادث التي تحدث داخل الملاعب المصرية وتؤدي إلى الوفيات بين اللاعبين والمدربين قضية تستدعي إلى النظر إليها والبحث عن المسؤول عن تلك الحوادث تقع مسؤولية سلامة اللاعبين داخل الملاعب المصرية على عدة أطراف، منها وزارة الشباب والرياضة، والاتحادات الرياضية، والأندية، وكذلك الأجهزة الطبية المسؤولة عن الإصابات داخل الملاعب. المطلوب  أن تكون هناك إجراءات سلامة صارمة تضمن سلامة الجماهير واللاعبين أثناء المباريات، وفي حال حدوث حوادث مؤسفة، يتم تحميل المسؤولية للجهة التي تقصر في توفير هذه الإجراءات الأمنية والسلامة.

 في هذا التقرير سنقوم في تحديد الجهات المسؤولية عن تحقيق هذه السلامة والنظر في دور كل جهة على حدة وفيما يتعلق بواجباتها ومسؤولياتها. على سبيل المثال، يمكن أن تتضمن مسؤوليات وزارة الشباب والرياضة تطبيق السياسات الوقائية ومراقبة الأندية لضمان الامتثال للمعايير الأمنية، في حين تتعلق مسؤوليات الاتحادات الرياضية بتوفير التوجيه والتدريب للأندية، والتأكد من اتباعها للإجراءات الأمنية. أما الأندية، فقد تكون مسؤولة عن تنفيذ التدابير الأمنية داخل ملاعبها وتدريب موظفيها على التعامل مع الطوارئ. 

اولا: وزارة الشباب والرياضة 

اتخذت وزارة الشباب والرياضة ثلاثة قرارات بعد اجتماعها مع اللجنة الطبية العليا للرعاية الطبية للرياضيين بمقر الوزارة، وكانت هذه القرارات أولا: توفير أجهزة طبية متطورة في الملاعب المصرية في جميع الألعاب وتدريب الفرق الطبية على استخدامها بالأندية والمنتخبات القومية، ثانيا: إدخال نظام التأمين المباشر داخل منظومة الرياضة المصرية، ثالثا: عقد مؤتمر موسع خلال الفترة المقبلة، يضم مجموعة كبيرة من خبراء المجال الطبي والرياضي، لتوعية الرياضيين بالمخاطر الطبية والصحية التي قد تواجه اللاعبين بالملاعب.

كما أوضح وزير الشباب والرياضة في بيان له الصادر في 28 مارس 2024 إن "أن جميع الألعاب من الممكن أن يكون لاعبو الفرق والمنتخبات والقومية ان معرضين لخطر الإصابة كما هو شائع بالملاعب و لكن تبقى لعبة كرة القدم من الرياضات التي يكثر فيها الاحتكاك والتي- بالطبع- تؤدى إلى القابلية للإصابات المتنوعة نظرا لاحتياج لعبة كرة القدم إلى الكثير من بذل الطاقة والسرعة، لذا؛ فكرة القدم تحصد أعلى معدل إصابات يمكن أن تحدث أثناء المباريات أو التمرين موازنة بأية رياضة أخرى

 وأشار "صبحي" إنه سوف يتم توفير أجهزة طبية متطورة في الملاعب المصرية في جميع الألعاب ولن يقتصر الأمر على كرة القدم فقط خلال الفترات المقبلة وسوف يتم تدريب الفرق الطبية على استخدامها بالأندية والمنتخبات القومية، موضحا أنه سوف نعمل على إدخال نظام التأمين المباشر داخل منظومة الرياضة المصرية على أن يتم التأمين على جميع رياضي مصر بمختلف الألعاب.

 واختتم وزير الشباب والرياضة حديثه قائلا: مصر تمتلك الكثير من الكوادر الطبية المميزة وهو ما شاهدناه جميعا في معالجة حالة أحمد رفعت لاعب كرة القدم وهو ما سوف يشجعنا على تطوير المنظومة الصحية داخل المنظومة الرياضية واضح "صبحي" أننا نمتلك في وزارة الرياضة العديد من مستشفيات الطب الرياضي والتي نعمل على تطويرها من أجل تحقيق الاكتفاء الطبي ومعالجة وتأهيل جميع لاعبي الفرق والمنتخبات القومية المصرية داخل مصر.

 تلك القرارات تمثل خطوات إيجابية نحو تعزيز السلامة والصحة في المجال الرياضي في مصر. فإن توفير أجهزة طبية متطورة في الملاعب وتدريب الفرق الطبية على استخدامها يعزز من الاستجابة السريعة لحالات الطوارئ ويقلل من الإصابات الخطيرة. وبإدخال نظام التأمين المباشر نضمن توفير التغطية الطبية للرياضيين واللاعبين، ونقدم لهم الرعاية اللازمة في حالات الطوارئ، مما يساهم في رفع مستوى الثقة والراحة لديهم. كما يمكن للتطلع في تنفيذ مزيد من الإجراءات مثل تشديد الرقابة على سلامة الملاعب وضمان توافر معدات السلامة اللازمة، وتشديد الرقابة على استخدام المواد المنشطة والمحظورة. بالإضافة إلى تعزيز برامج التثقيف والتوعية حول السلامة الرياضية للمدربين واللاعبين- -على حد سواء-.


ثانيا: الاتحادات الرياضية 

 للاتحادات الرياضية أدور مهمة مختلفة. من توفير ملاعبة آمنة ومناسبة للتدريب والمنافسة. واتخاذ التدابير الوقائية اللازمة لتقليل مخاطر الإصابات أثناء التدريبات والمباريات. وتوفير الرعاية الطبية اللازمة للرياضيين والمدربين في حالات الطوارئ أو الإصابات. بتوفير خدمات الإسعافات الأولية والتأكد من وجود فرق طبية مؤهلة خلال المباريات والتدريبات. كما ينبغي على الاتحادات الرياضية العمل مع السلطات المحلية والحكومية لتطوير وتنفيذ التشريعات والسياسات الفعالة التي تحمي سلامة الرياضيين، وتحدد المسؤوليات والتدابير الواجب اتخاذها في حالات الطوارئ.

 يمكن القول إن الاتحادات الرياضية تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية في ضمان سلامة الرياضيين والمدربين داخل الملاعب المصرية. وعليها أن تعمل- بجدية- وتكثيف الجهود لتحقيق هذا الهدف الحيوي. علي أن تكون الجهات المسؤولة عن الرياضة ملتزمة أيضا بضمان سلامة اللاعبين والمدربين.

حيث طرح اللاعب السابق أحمد حسام ميدو العديد من الأسئلة حيث حمل الاندية والاتحاد المصري لكرة القدم المسؤولية مشتركة عن الحوادث التي تحدث في الملاعب المصرية من الموت المفاجئ حيث قال

 "ان شاء الله ربنا يطمنا جميعا على # احمد_رفعت ويرجع لبيته سالما في اقرب وقت ممكن... سؤال كام نادي في مصر بيعمل للاعيبته كشف طبي شامل قبل بداية كل موسم؟ وكام نادي بيعمل كشف طبي لناشئيه قبل بداية كل موسم؟ سؤال تاني ليه اتحاد الكورة ما بيشترطش ان كل ناد لازم يقدم تقريرا طبيا شاملا عن كل فرق النادي قبل بداية كل موسم شرط رئيس للاشتراك في المسابقات؟ ليه حياة البنى آدم عندنا ارخص حاجه؟"

https://x.com/midoahm/status/1767497123061260699 


ثالثا: مسؤولية الأندية والأجهزة الطبية التابعة لها.

مسؤولية الأندية والأجهزة الطبية في الموت المفاجئ للاعبين والمدربين في الملاعب المصرية تتعلق بتوفير بيئة آمنة وتوفير الرعاية الطبية اللازمة. حيث تشير إلى عديد من المسؤوليات ومنها التقييم الطبي الدوري لضمان أن اللاعبين والمدربين يخضعون لفحوصات طبية دورية لتحديد الحالات الصحية والتعرف على أي مشاكل صحية محتملة. و توفير فريق طبي مؤهل ومدرب للتعامل مع الحالات الطبية الطارئة وتقديم الرعاية الطبية اللازمة. وتوفير معدات السلامة الضرورية للوقاية من الإصابات، مثل وسائل الوقاية الشخصية ومعدات الإسعافات الأولية. حيث يجب على الأندية توفير التدريب اللازم للموظفين واللاعبين والمدربين حول كيفية التعامل مع حالات الطوارئ الطبية، وتعزيز الوعي بالعوامل المخاطرة وكيفية التصرف في حالات المواقف الطبية الطارئة.

إذا حدثت حالة موت مفاجئ للاعب أو مدرب داخل الملعب، فإن الأندية والأجهزة الطبية التابعة لها دور في أن تكون على استعداد للتعامل مع هذه الحالة بسرعة وكفاءة، بما في ذلك تقديم الرعاية الطبية الفورية والتنسيق مع السلطات الطبية والمسؤولين المحليين لضمان استجابة سليمة ومنسقة.

ختاما

وأخيرا نتمنى لأحمد رفعت لاعب منتخب مصر ولاعب النادي فيوتشر الحالي ولاعب الزمالك السابق الشفاء العاجل فهو حاليا في المستشفى وشوهد آخر مرة في فيديو شكر فيه الجمهور على ذلك سلامته وطمأنتهم أنهم على علم بحالته الصحية...رابط


يمكن في أي وقت أن يتعرض اللاعبون الرياضيون لإصابات خطيرة أو مواقف تستدعي التدخل الطبي لكي نضمن سلامة هؤلاء اللاعبين حاليا ومستقبلا فإن مسؤولية مشتركة تقع على الجهات التي ذكرناها بالأعلى. لكن متابعة هذه الجهات والرقابة عليها هي أمر لا يجب أن يكون موسميا يقتصر بحيث يزيد فقط في وقت حدوث أزمات أو مشاكل. بل المهم أن يتشكل تعاون شامل بين العديد من الجهات المعنية. مثل وزارة الشباب والرياضة والاتحادات الرياضية والأندية والأجهزة الطبية لتكوين نموذج متكامل للحماية والحفاظ على اللاعبين، حيث إن المسؤولية لا يتحملها أي جهة من المذكورين سابقا منفردة ولكن المسؤولية توزع بينهم بنسب متفاوتة.

 بالتعاون بين هذه الجهات المعنية، وتعزيز دور وزارة الشباب والرياضة في مراقبة وتنظيم الأنشطة الرياضية وتطبيق السياسات الصحية والسلامة. وتشديد الرقابة على الاتحادات الرياضية والأندية لضمان الالتزام بالتدابير الوقائية وتوفير التدريب اللازم للمدربين. وتحسين التعاون بين المنظومة الصحية والجهات الرياضية لضمان الاستجابة السريعة وتقديم الرعاية الطبية الفورية في حالات الطوارئ.





بواسطة محمد حسن


حاصل على بكالوريوس العلوم السياسية والعلاقات الدولية، وشارك في برنامج زمالة سياسات مصر 2024، حيث اكتسب مهارات متقدمة في الكتابة الصحفية في القضايا المتعلقة بالسياسات العامة.

يعمل حاليًا باحثًا متخصصًا في الشأن الرياضي، حيث يقدم تقارير وتحليلات معمقة للقضايا الرياضية المحلية والعالمية.

يشغل أيضًا منصب محرر أخبار في منصة تفنيد، حيث يحرص على التأكد من موثوقية المعلومات الموجودة على منصة الإنترنت.

له خبرة سابقة في مجال الإدارة الرياضية، حيث شغل منصب إداري سابق لمنتخب مصر لألعاب القوى.

كما عمل مدربًا سابقًا للرمي في فريق ألعاب القوى بالنادي الأوليمبي المصري.

0 تعليقات

نشر تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني